يا لياليَّ القَديمَاتِ ارْجِعي، - ابن المعتز
يا لياليَّ القَديمَاتِ ارْجِعي،
قد تَخَلّفْتِ بلَيلاتٍ شِدادِ
نَبَأٌ خُبّرْتُه مِن مَعْشَرٍ،
أخْرَجَتْ أضغانُهُمْ حيّاتِ وادِ
إنني ذاكَ الذي جربتهم ،
لم يطلْ عهدي بإرغامِ الأعادي
فمِنَ الآن، فكُرّوا وارجعُوا،
فالّذي تَخْشَوْنَ أحلى في فؤادي
ولحَا الرّحمنُ منّا طالِبَ الـ
ـصلحِ والأطوعَ في حبلِ القيادِ
وعَلى الأظْلَمِ مِنّا سَخطَ اللّـ
ـهُ ، والأنكبِ عن سبلِ الرشادِ
أقدِموا قبلَ رِماحٍ أُشرِعَتْ،
و سيوفٍ ذاتِ عصًّ وصعادِ
ثمّ إيّايَ وأُخرَى مثلَها،
تَكحَلُ العَينَ بمَملولِ السّهادِ
وخُذُوا عَفوِيَ ما دُمْتُ لَكُمْ،
يد أخذٍ ، والحقوا بعضَ ودادي
لا تعودوا فيعدْ إسخاطهُ ،
واتْرُكُوا سيفِيَ في بَعضِ الغِمادِ
أو فإني مسرعٌ ، إن شئتمُ ،
بحسامٍ مشرفيًّ ، وجوادِ
و قناة ٍ فوقها كوكبها ،
و مجنًّ ، كلُّ هذا في بلادي
و غذا قلتُ اركبوا قد حضروا ،
جملة ُ النّاسِ بأسيافٍ حِدادِ
و لقد ضاعتْ أيادٍ عندكمْ ،
غُرِسَتْ في تُرَبٍ غيرِ جِيادِ
أُودِعَتْ قَمْحاً، فلمّا نُثِرَتْ
كلُّ أرْضٍ أنبَتَتْ شَوكَ القَتاد
فجزاها لعنة ً لصاحبٍ ،
ليسَ للزراعِ أصلاً من معادِ
حينَ وترتُ لكمْ أقواسكمْ ،
قمتمُ بالنبلِ ترمون سوادي
أيّها المَوعِدُ قد أسمعتَني،
ثمّ لم يثبتْ من الهمّ وسادي
سوفَ تَجني أنتَ ما تَغرِسُ لي،
و تمسُّ النارَ من قرعِ زنادي
ربّ من قد كادني في ليلة ٍ ،
وهو في يوم الوَغى باسمي يُنادي
حِينَ خَلّى رَسَني جاذبُهُ،
وامّحى قُرطاسُ شَيبي من مِدادي
ثمّ يغدو مرحاً إن سبني ،
و يرى لحميَ من أطيبِ زادِ
ويَظُنّ الدّهرَ نَقداً كلَّه،
ثمّ يلقاني على طولِ البعادِ
كيفَ يَرجُون اهتضامي بعدَها،
طالَ باعي ، وردائي ونجادي
و لعذرٍ لهمُ لو قبلها
لَمْ يَروْا إلاَّ قدَاحِي وَ زنَادِي
إن يكونوا قد نسُوا تلك، فلي
عودة ٌ تذعرهم حرَّ جلادي
طالَ حِلمي عنهمُ، فاستحدَثوا
خُلُقاً مكروهة ً، عُريانَ بادي
خلقاً يخضِبُ أطرافَ القَنا،
و متونَ النبلِ والبيضَ الصوادي
بطعانٍ نافذٍ يفري الحشا ،
و بضربٍ مثلِ أفواهِ المزادِ