أفي كلَّ يومٍ لي منى ً أستجدها - الشريف المرتضى

أفي كلَّ يومٍ لي منى ً أستجدها
وأسبابُ دنياً بالغرُورِ أودُّها؟

و نفسٌ تنزى ليتها في جوانحٍ
لذي قوة ٍ يسطيعها فيردها

تَعامَهُ عَمْداً وهْيَ جِدُّ بَصيرة ٍ
كما ضلَّ عن عشواءَ باللّيل رُشدُها

إذا قلتُ يوماً: قد تَناهَى جِماحُها
تجانَفَ لي عن منهجِ الحقِّ بُعْدُها

و لي نقدها من كلَّ شرٍّ " وربما "
يكون بخيرٍ لا توفيه وعدها

وأُحْسَبُ مَولاها كما يَنْبغي لها
و إني من فرطِ الإطاعة ِ عبدها

ترى في لساني ما تشاءُ من التقى
ومِنْ حَسَناتٍ، ثمّ فعليَ ضدُّها

و أهوى سبيلاً لا أرى سالكاً " بها "
كأنِّيَ أَقلاها وَغيري يَوَدُّها

وأَنسى ذُنوباً لي أتتْ فاتَ حصرُها
حسابي وربّي للجزاءِ يَعُدُّها

أُقِرُّ بها رَغماً وليس بنافعي
وقد طُويتْ صُحْفُ المعاذير جَحْدُها

ولمّا تراءَتْ لي مَغبَّة ُ قبحِها
وعُرِّيَ عن دار المجازاة ِ بُرْدُها

تَنَدَّمتُ لمّا لم تكُنْ لي ندامة ٌ
فألاَّ وفي " كفيَ " لو شئتُ ردها ؟

ولم أرَ كالدُّنيا تصُدُّ عن الّذي
يودُّ محبوها فيحسنُ صدها

و تسقيهمُ منها الأجاجَ مصرداً
وكيفَ بها لو طابَ للقوم عِدُّها؟

تعلَّقتُها وَرْهاءَ للخَرْقِ نسجُها
وللمنع ما تُعطي وللحلِّ عقدُها

يدالُ الهوى " فيها " مراراً من الحجى
و يقتادها صغراً كما شاء وغدها

و ما أنصفتنا تظهرُ الصفحَ كلهُ
لجانٍ وفيما لا ترى العينُ حقدها

أراها على كلِّ العيوبِ حَبيبة ً
فيا لِقلوبٍ قد حشاهُنَّ وُدُّها

وحبُّ بني الدُّنيا الحياة َ مُسيئة ً
بهمْ ثلمة ٌ بالنفسِ أعوزَ سدها

ألا يا أُباة َ الضَّيمِ كيفَ اطَّباكُمُ
وغيرُكُمُ يغترُّهُ الرِّفْدُ رِفْدُها؟

و كيف رجوتمْ خيرها " وإزاءكمْ "
طلائحُ أرْداهُنَّ بالأمس كدُّها؟

وقد كنتمُ جرَّبتُمُ غِبَّ نفعِها
و جرعكم كأسَ المراراتِ شهدها

تعاقبَ فيكمُ حرها بعد بردها
فما ضَرَّها لو حَرُّها ثَمَّ بردُها؟

ولو لم تُنِلْكمُ كارهينَ نعيمَها
لما ضركم كلَّ المضرة ِ جهدها

سَقَى اللهُ قلباً لم يَبِتْ في ضلوعِهِ
هواها ولم يطرقْ نواحيهِ " وجدها "

ولم يَخشَ منها نحسَها فيبيتُهُ
على ظَمأٍ إلاّ محيّاهُ سعدُها

تخفف من أزوادها ملءَ طوقهِ
فهانَ عليه عند ذلك فقدُها