سيرة للأيام - عبدالله البردوني
ربمّا لا تطيق مثلي قرار
فلنسافر .. تساؤلا وادّكارا
يا صديقي الحنين .. من أين تدري ؟
كيف عاد الضحى ؟ وأين توارى؟
أتراه نهار أمس .. المولّي
عاد أشهى صبا ، واسخى انهمارا
هل رماد الضحى ، يحول رداء
للعشايا ، لكي يعود نهارا
العشايا صبح كفيف يدلّي
شوقه من رماد عينيه نارا
يسحب الظل ، والطيوف الحزانى
ويعاني شوق الطيور الأسارى
ثم يأتي .. كما مضى .. في ذهول
شفقي ، يدمى ، ويندى افترار
يا صديقي .. وهل يعي كيف أغفى
جمر أجفانه وكيف أنارا
وهل الشمس طفلة ، أو عجوز
تستعير الصبا ، وتغوي المدارا
أتراها عصرية ، أم تراها
متحفا دايرا ، يوشّي الجدارا
ما الذي تدّعى ؟ لها كلّ يوم
مولد ، كيف ((يا فقيه بخارا)) ؟
أو ما أزوجت (وروما) جنين
و(أبو الهول) في حنايا الصحارى
أو ما أدفأت (ثبيرا) ولّما
بلد الغيب (يعربا) أو (نزارا) ؟
فليكن .. إنما الاصالات أبقى
جدّة ، والنّضار يبقى نضارا
يا صديقي .. فكيف يدعون هذا
مستعادا ، وذاك يدعى ابتكارا
ربّما لم يجدّ شيء ، ولكن
نحن نرنو ، بناظرات السكارى !
والرّبيع ، الذي نرى اليوم ، هل كان الربيع ، الذي رأينا مرارا ؟
وسنلقاه ، بعد (كانون) أملى
بالرؤى من عيون أحلى العذارى
والمصيف الذي نراه كبارا
كان ذاك الذي شهدنا صغارا
ولماذا صمتّ ، ترنو يمينا
في شرود ، وتستدير يسارا
كيف نغضي ، وللسؤالات ركض
تحت أهدابنا ، يخوض الغمارا ؟
هل تحسّ الحقول ما سر (نيسان) ؟
ومن أين عاد يهمي اخضرارا؟
كيف أصغت إليه ؟ هل ضج يا أشواك
موتي … وبارك (الجلنّارا)
أيّ فصل من الفصول التوالي
أسكت (اليوم) واستعاد (الهزارا) ؟
أين يمضي الزمان ((هل سوف يطوي
سفره ، أو يعي ، فيشكو العثارا ؟
ربمّا … إنما … لماذا ننادي ؟
ويضيع الصّدى ، فنرجو القفارا
أتظن الرياح ، تدري إلى أين ؟
ومن أين ، تستهل المسارا ؟
أتراها ، تعطي الرّبى جانحيها
ذات يوم ، وتستعير الوقارا ؟
***
يا صديقي … أنا وأنت إشتهاء
نحتسي الملح ، أو نلوك الشفارا
طال فينا جوع السؤال ، فأطعمناه (كانون) واعتصرنا الغبارا
واجتدانا ولائما عاجلات
فطحنا على النجوم الحيارى
كل ما عندنا نداء بلا ردّ
سؤال ، يتلو سؤالا ، مثارا
من دعانا ؟ ومن ننادي ؟ أصخنا
وانتظرنا ، حتى حرقنا انتظارا ؟
فلننم .. والنعاس يروي حكايانا ، ويرخي قبل الشروع الستارا