حَيَاةٌ جُزْتَهَا وَفْضَا - خليل مطران

حَيَاةٌ جُزْتَهَا وَفْضَا
فَرَاعَتْ وَانْقَضَتْ وَمْضَا

وَروحٌ كالْخُلاصَة مِن
عَبِيرٍ خَتْمُها فُضَّا

مضى مُسْتنزِلُ الإِلْهَا
مِ نَثراً كان أَوْ قَرْضَا

ومُجْنِي الْحِسِّ ما أَجْنَى
وَمُرْضِي النَّفْسِ ما أَرْضَى

بنَي لِفَخَارِه صَرْحاً
وقبْلَ تَمَامِهِ انْقضَّا

عَلَى آثَارِهِ أَرْسلْتُ
دَمْعَ الْعيْنِ مُرْفضَّا

وَمَا أَدَّيْتُهُ نَقْلاً
لَقَدْ أَدَّيْتهُ فَرْضَا

أَرَى أَبَوَيْهِ فِي ثُكْلٍ
فَأَحْسبُ مَضْجَعِي قُضَّا

وَأُكْبِرُ خَطْبَ ذَاكَ الشَّيْيخِ
فِي الرُّكْنِ الَّذي رُضَّا

وتِلْكَ الأُمِّ أَمْسَتْ لاَ
تُطِيقُ مِنَ الأَسَى نَهْضَا

قضَاءُ اللّه هلْ يَسْطِيعُ
مَخْلُوقٌ لَهُ نَقْضَا

فِدَى لُبْنانَ جَالِيةً
تُقَدسُ أَرْضَهُ أَرْضَا

وَتُصْفِيهِ مَوَدَّتَهَا
علَى ما سَرَّ أَوْ مَضَّا

بِمَوْتِ أَبَرِّ فِتْيَتِهَا
تبَدَّلَ بَسْطُهَا قَبْضَا

وَأُخِفْتَ صوْتُهَا الأَعْلَى
وَأُغْمِدَ نَصْلُهَا الأَمْضى

فَأَيْنَ مُعِزُّ أُمَّتهِ
وَمُولِيهَا الْهَوَى مَحْضَا

وأَيْنَ الْبَاذِلُ الحَوْبَا
ءَ أَيْنَ الصائِنُ العِرْضَا

قَلِيلٌ أَنْ رَثيْنَاهُ
وَعزَّى بَعْضُنَا بَعضَا

فَهَلاَّ يا مُحِبِّيهِ
وَما قَوْلِي لكُمْ حضَّا

رَدَدْتُمْ غُرْبَةً لِفَتىً
بِه ذَهَبَ الرَّدَى غَرْضَا

كَأَنِّي بِالرُّفَاتِ إِلى
مزَارٍ فِي الْحِمى أَفْضَى

وَعُولِيَ فوْقَهُ نُصُبٌ
يُرِينَا الشَّاعِرَ الْغضَّا

وقَدْ شفَّتْ عَزِيمَة رَأْ
يِهِ جُثْمانَهُ الْبَضَّا

إِلى الْعَلْيَاءِ مُتَّجِهاً
بِطَرْفٍ يَأْنفُ الْغَضَّا

لَهُ أُمِنيةٌ عَزَّتْ
عَليْهِ وَعزَّ أَنْ تُقْضَى

دَنَا وَالشَّمْسُ تَصْدِفُهُ
فمَا أَلْوَى وَمَا أَغْضَى

أَبى فِي عَيْشِهِ غَمْضاً
وَيَأْبَى فِي الرَّدَى غَمْضَا

مَصِيرُ الْحَيِّ لاَ يَخْفى
وَسِتْرُ الْغيْبِ لا يُنْضَى

وَهَذا الْعُمْرُ فِي الْغَايَا
تِ يعْدِلُ طُولُهُ الْعَرْضَا

إِذَا أُقْرِضْتَ أَيَّاماً
ولمْ تَسْتثْمِرِ الْقَرْضَا

فهلْ فِيهَا بِحَقٍ مَا
يُسَاوِي الحُبَّ وَالبُغْضَا

فَإِمَّا يَقْظَةٌ تُرْضَى
وَإِمَّا ضَجْعةٌ تُرْضَى

تُعِيدُ الْغُيَّبَ الذِّكْرَى
وتَشْفِي الأَنْفُسَ المَرْضى