جَرَى حُكْمُ الحَدِيدِ عَلَى النِّيَاقِ - خليل مطران

جَرَى حُكْمُ الحَدِيدِ عَلَى النِّيَاقِ
وَدَالَتْ دَوْلَةُ الجُرْدِ العِتَاقِ

سِوَى قَلُصٍ تَقَلَّصَ فِي البَوَادِي
وَرَيِّضَةٍ تُضَمِّرُ لِلسِّبَاقِ

ذَخَائِرُ مُؤْذِنَاتٌ بِانْقِرَاضٍ
تذَكِّرُنَا غَوَابِرَهَا البَوَاقِي

لَقَدْ أَخَذَتْ عَلَيْهَا الطُّرْقُ نهْبَ
نَوَاعِلُ بِالحَدِيدِ أَوِ الطِّرَاقِ

وَخَلَّتْ سَيْرَ أَسْرَعِهَا بَطِيئاً
رَكَائِبُ كَالسِّهَامِ بِالانْطِلاَقِ

ضَوَارِبُ فِي العَنَانِ مُسَيَّرَات
بِأَنْفَاسٍ دَوَائِبِ الاحْتِراقِ

مُزَجَّاةٌ بِأَجْنِحَةٍ غِلاَظٍ
تَزِفُّ زَفِيفَ أَجْنِحَةٍ رِقَاقِ

أَبَاحَ تَنَاهُبَ الآفاقِ عَصْرٌ
أَدَالَ مِنَ الصَّوَافِنِ وَالمَنَاقِي

فَلَمْ نَذْمُمْ لَهَا عَهْداً وَلكِن
قَضَى عَهْدٌ جَدِيدٌ بِالفِرَاقِ

وَكَانَتْ رُؤيَةً أُولَى حَبَتنْا
بِبْرُءٍ لِلقُلُوبِ وَلِلحِدَاقِ

خُلاَصَةُ هَاشِمٍ فِي خَيْرِ عَقْبٍ
وَصَفْوَةُ مَنْ مَضَى فِي خَيْرِ بَاقِ

فَحَدِّثْ عَنْ مَزَايَاهُ الغوَالي
وَحَدِّثْ عَنْ سَجَايَاهُ العِتَاقِ

تَأَتِّى وَالعُرُوبَةُ فِي نُشُورٍ
فَجَاءَ البَاعِثَانِ عَلى وِفَاقِ

فَتىً حُلوٌ مَذاقُ نَدَاهُ سَلْماً
وَلَكِنْ بَأْسُهُ مُر المَذَاقِ

حَكِيمٌ يَنْثُرُ الآرَاءَ نَثْراً
فَتُلْفِيهَا بَدِيعَةَ الاِنْتِسَاقِ

وَيُغْرِبُ فِي فَعَائِلِهِ فَتأَتِي
رَوَائِعَ فِي التَّفَرُّدِ وَالسِّيَاقِ

لَقَدْ أَلِفَ المَخَاطِرَ فَهْوَ يَهْفُو
إِلَيْهَا مَا وَقَتْ مِنْهَا الأَوَاقِي

فَمَا يَرْتَاضُ إِلاَّ مُسْتَثِيراً
كَوَامِنَهَا عَلَى قَدَمٍ وَسَاقِ

عَلَى مَتْنِ ابْنِ أَعْوَجَ فِي فَلاَةٍ
وَفِي أُخْرَى عَلَى مَتْنِ البُرَاقِ

يُلاَقِي مَا يَهُولُ النَّاسُ مِنْهَا
وَقَدْ يَلْهُو بِأَخْطَرِ مَا يُلاَقِي

وَبُدِّلْنَا مَطَايَا لاَ تجَارَى
مِنَ اللاَّئِي عَجَزنَ عَنِ اللِّحَاقِ

وَهَلْ تَرْقَى بِلاَدُ اللهِ طُرّاً
وَشَأْنُ العُرْبِ يَمْكُتُ غَيْرَ رَاقِ

سَنَحْفَظُ مِن خلاَئِقِ مُورِثِينَا
أَمَانَةَ مَجْدِهِمْ أَوْفَى خَلاَقِ

وَنَهْجُرُ مَا أَلِفْنَاهُ اخْتِيَاراً
إِذَا مَا اعْتَاقَنَا أَدْنَى اعْتِياقِ

تَقَدَّمْنَا الَّذِينَ تَقَدَّمَتْهُمْ
بِنَا دَهْراً خُطَى العَنْسِ الدِّقَاقِ

فَجَابُوا مِنْ عَلٍ قُطْباً فَقُطْبَاً
لِعِلْمٍ يُسْتَفَادُ أَوْ ارتفاقِ

فَإِمَّا أَنْ نجَلِّيَ فِي مَدَاهُمْ
وَإِمَّا أَنْ نَسِيرَ مَعَ الرِّفَاقِ

أَتْبصِرُ مِنْ سَمَاءِ الشَّرْقِ طَيْرَاً
تَوَافَدُ فِي إِئْتِلاَفٍ وَائْتِلاَقِ

عَلَى السِّرْبِ المُطِلِّ اليَوْمَ مِنهَا
سَلاَمٌ مِنْ قلوبٍ فِي اشْتِيَاقِ

تِلمُّ بِمِصْرَ حَامِلَةً إِلَيْهَا
جَلاَلَةَ فَيْصَلٍ مَلِكَ العِرَاقِ

فَيَا عَجَباً لَهَا كَيْفَ اسْتَقَلَّتْ
بِمَجْدٍ مَالِيء السَّبْعِ الطَّبَاقِ

تَيَمَّنَّا بِطَلْعَتِهِ وَكُنَّا
عَلَى ظَمَإٍ إِلى هَذَا التَّلاَقي

فَلَمْ تَزِدِ المَآقِي إِذْ تَجَلَّتْ
عَلَى مَا كَانَ مِنْهَا فِي المَآقِي