فِي الأَسَى مِنْ تَفَتتِ الْكَبِد - خليل مطران

فِي الأَسَى مِنْ تَفَتتِ الْكَبِد
مِثْلُ أَسَى وَالِدٍ عَلى وَلدِ

كَمْ بَطَلٍ عَاشَ وَهْوَ ذُو صَيَدٍ
فَرَدَّهُ الثُكْلُ غَيْرَ ذِي صَيَد

أَهْوَنُ مِنْ رَزْئه عَلَيْه أَذىً
كِفَاحُ جَيْشٍ أَوْ مُلْتَقَى أَسَد

سَابَا لَكَ اللهُ وَهْوَ أَلْطَفُ مَنْ
يَأْسُو جَرِيحاً وَأَنْتَ ذُو رَشَد

إِنَّ قُلُوباً مُحِيطَةً بِكَ مِنْ
كَرَامَةٍ شَارَكَتْكَ فِي الْكمَد

لَهْفِي عَلى ذلِكَ الْحَبِيبِ ذَوَى
مُنهَصِرَ الْغُصْنِ لَمْ يُنَلْ بِيَد

مَاتَ كَنُضْرِ الْفُرُوعِ يَلْزَمُهَا
بَعْدَ الرَّدَى حُسْنُهَا إِلى أَمَد

فِي جَاه أَوْرَاقهِ وَبَيْنَ حلَى
أَزْهَارِه مِن مُبَشِّرٍ وَندي

في عِزِّ مُلْكِ الصَّبَا وَحَاشِيَه
مِنْ غُرِّ آمَالهِ بِلاَ عَدَد

فِي مُنْتهَى مَجْده وَصَوْلَته
إِذْ يَقْتُلُ السَّعْدَ لاَهِياً وَيَدي

وَيَصْدمُ المَكْرَ غَيْرَ مُلْتَفِتٍ
وَيَقْحَمُ الدَّهْرَ غَيْرَ مُرْتَعِد

وَيَتْرُكُ اللَّوْمَ حَائِراً وَجِلاً
مُنْعَقِداً فِي لِسَانِ مُنْتقد

يَا رَاحِلاً فِي الْغَدَاةٍ عَنْ نِعَمٍ
تَتْرَى وَعَنْ بَسْطَةٍ وَعَنْ رَغَد

وَتَارِكاً رَسْمَهُ لِفَاقِده
مُصَوَّراً بِالْجِرَاحِ فِي الْخَلَد

لاَ أَنْكَرَتْ رُوْحُكَ التَّي أَمِنَتْ
مَا فَارَقَتْ مِنْ مَخَاوِفِ الْجَسَد