يَا أَدِيبَ الدنَّيَا تُحَيِّيْكَ مِصْرُ - خليل مطران
يَا أَدِيبَ الدنَّيَا تُحَيِّيْكَ مِصْرُ
صِلَةُ الفَضْلِ فِي أُولِي الفَضْلِ إِصْرُ
نَفْعُكَ النَّاسَ مُوجِبٌ لَكَ شُكْراً
وَقَلِيلٌ فِي جَانِبِ النَّفْعِ شُكْرُ
كُلُّ عَصْرٍ لَوْ خَيَّرَتْهُ المَعَالِي
لَتَمَنَّى لوْ أَنَّهُ لَكَ عَصْرُ
حَبَّذَا فِي مَعَاهِدِ العِزِّ عَهْدٌ
لمْ يَفُتْهُ مِن المَفَاخِرِ فَخْرُ
عَهْدُ شَمسِ المُلُوكِ زَانَتْهُ شُهْبٌ
بَاهِرَاتٌ وَأَنْتَ فِي الشُّهْبِ بَدْرُ
إِيهِ مُلِييرُ أَيُّ قَارِيءِ سِفْرٍ
لَمْ يُقَوِّمْ تَأْوِيدَهُ مِنْكَ سِفْرُ
أَيُّ مُلْقٍ إِلَى الفَصَاحَةِ سَمْعاً
لَمْ يُخامِرْهُ مِنْ بَيَانِكَ سُكْرُ
أَيَّ مُسْتَشْرِفٍ شُخُوصاً تُحَاكِي
لَمْ يُخالِجْهُ مِنْ فُنُونِكَ سِحْرُ
كُلُّ مَا فِي الحَيَاةِ حِسّاً وَفِكْراً
هُوَ حِسٌّ فِي أَصْغَرَيْكَ وَفِكْرُ
لَكَ نَفْسٌ كَأَنَّهَا كُلُّ نَفْسٍ
وَكأَنَّ الخَفَاءَ عِنْدَكَ جَهْرُ
كُلُّ عِلْمٍ كَأَنَّهُ لَكَ عِلْمٌ
كُلُّ خُبْرٍ كَأَنَّهُ لَكَ خُبْرَ
لاَ تُوَارَى سَرِيرَةٌ عَنْكَ مِمَّا
قَدْ يُوَارِيهِ فِي طَوَاياهُ صَدْرُ
أَنْتَ عَيْنُ العُقَابِ تَنْظُرُ مِنْ عَا
لٍ فَمَا فِي العَبَابِ إِنْ تَرْنُ سِرُّ
قَدْ تَبَيَّنْتَ مَا الصَّحِيحُ وَمَا
الزَّيْفُ فَبَيَّنْتَهُ وَنَقْدُكَ حُرُّ
تَتَوَخَّى الإِصْلاَحَ لِلنَّاسِ مِمَّا
أَفْسَدَتْهُ فِيهِمْ غَرَائِزُ كُدُرُ
نَصِفُ الشَّين ضَاحِكاً مِنْهُ بِالزَّيْنِ
مِنَ القَوْلِ فَهْوَ مُبْكٍ يَسُرُّ
وَقَدِيماً كَانَ الأَحَبُّ إِلى المَرْ
ضَى دَوَاءً يَحْلُو بِهِ مَا يُمِرُّ
مَنْ يُبَاسِطْ فِيمَا عَلَى النَّاسِ يَنْعِيهِ
يُيَسِّرْ تَثْقِيفَ مَا فِيهِ عُسْرُ
إِنَّمَا الخَلْقُ مَا وَصَفْتَ وَفِيهِمْ
تُرَّهَاتٌ وَمُنْقِصَاتٌ تَعُرُّ
كُنْتَ أَدْرَى بِهِمْ فَكُنْتَ لَهُمْ أَرْ
حَمَ كَمْ دُونَ كَبْوَةٍ قَامَ عُذْرُ
وَجَمِيلٌ فِي دَفْعِكَ الضرَّ عَنْهُمْ
إِنْ تَوَخَّيْتَ خُطَّةً لاَ تَضُرُّ
فَلَقَدْ تُوحِشُ الخُشُونَةُ مَنْ لَمْ
تَتَلَطَّفْ فِي نُصْحِهِ فَيُصِرُّ
أَخْلَصَتْ طَبْعَكَ الخُطُوبُ وَنَقَّتْ
جَوْهَرَ القَلْبِ فَهْوَ كَالنُّورِ طُهْرُ
نَالَكَ النَّاسُ بِالشرُورِ فَلَمْ يَحْفِزْكَ
يَوْماً إِلى المَسَاءَةِ شَرُّ
وَعَلَى قَدْرٍ مَا تَعِسْتَ تَنَاهَى
مِنْكَ رِفْقُ بِالتاعِسِينَ وَبِر
ظَلْتَ لِلنَّاسِ مُرْشِداً بِالَّتِي أَحْسَنُ
لاَ تَنْثَنِي وَفِي النَّفْسِ أَمْرُ
لَمْ تُقَصِّرْ وَلَمْ يَصُدَّكَ عَمَّا
تَبْتَغِيهِ مُلْك عَزِيزٌ وَقَصْرُ
أَبَداً تَغْتَدِي وَلِلسُّوءِ خِذْلاَ
نٌ وَلِلخَيْرِ فِي النِّهَايَاتِ نَصْرُ
إِنْ نَظَمْتَ الكَلاَمَ فَهْوَ مِنَ الرِّقَّةِ
وَاللُّطْفِ وَالسَّلاَسَةِ نَثْرُ
أَوْ نَثَرْتَ الكَلاَمَ فَهْوَ مِنَ البَهْجَةِ
وَالفِطْنَةِ البَدِيعَةِ شِعْرُ
قوْلُكَ اللُّؤلُؤُ الَّذِي لاَ يُغَالى
مَا تَغَالَى مَنْ قَالَ إِنَّكَ بَحْرُ
وَلَكَ الرَّائِعَاتُ مِنْ كُلِّ ضَرْبٍ
كَادَ يَعْدُو فِيهَا الإِجَادَاتِ حَصْرُ
يَا فَرَنْسَا بَنوكِ عِلْماً وَفَناً
فِي سَمَاءِ النّهَى شُمُوسٌ وَزُهْرُ
يَا فَرَنْسَا صَدِيقَةَ الشَّرْقِ دُومِي
وَلِعليَائِكِ المُحيَّا الأَغَرُّ